تقرير – عبد الرحمن موسى
في ظل ما يشاهده عالمنا اليوم من حروب ودماء وانتقام بغرض استباحة حقوق الآخرين لأنفسهم وفرض هيمنة القوي على الضعيف تحت استغلال مبدأ “البقاء للأقوي”؛ كالحرب الأوكرانية الروسية، والحروب الداخلية في السودان، وأخيرًا وليس آخرًا الحرب الفلسطينية والكيان المحتل، نجد حربًا أخري هدفها جني الأموال وسلاحها الخوف والإلزام، ونتيجتها هدم الأجيال القادمة، وهي الحرب الإلكترونية، ومن بينها ابتزاز الأطفال، كونها تعرض مستقبله للتلاعب والخطر.
والابتزاز الإلكتروني للأطفال تهديد واستغلال للطفل أو الضحية بنشر صورة أو مقطع فيديو أو محادثات شخصية يمكنها أن تؤدي بصاحبها إلي الضرر النفسي والمادي، وذلك في حال عدم انصياع الشخص المهدد والتزامه بأوامر وطلبات الشخص المبتز، ويعود ذلك إلي سرعة الوصول وسهولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي دون قيود أو شروط لاستخدامها.
ومن هنا يجب علينا أن نزيل الستار عن ما يحدث من ابتزاز للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سن العشرين عامًا، الذين أصبحوا عرضة لإدمان الإنترنت بسبب كثرة تصفح الهواتف المحمولة طوال الوقت، فهذه الظاهرة توجد منذ أكثر من عشرة أعوام؛ وقد أكد تقرير نشره موقع Arabic news منذ عام 2013 يؤكد صراحة بالأدلة وشهادة الضحايا أن بريطانيا تصاب بمرض الابتزاز الإلكتروني للطفل، ويتظاهر هؤلاء المبتزون بأنهم أطفال ويحاولون إقناع الضحايا من الأطفال بممارسة الأعمال المنافية للآداب، وتصويرهم ثم يهددون بإرسال الصور إلي أسرة الطفل وأصدقائه.
كما لم تسلم الدول العربية والإسلامية من تلك الحرب الإلكترونية على أطفالها، وإرغامهم على دفع مبالغ مالية ضخمة مقابل التستر على نشر تلك الرسائل، وأكد مركز مكافحة استغلال الأطفال وحمايتهم على الإنترنت، الذي تأسس عام 2006 في بريطانيا، أن استغلال الأطفال وتعرضهم للاعتداء على الإنترنت جعلهم في انعزال كامل عن العالم، وغير قادرين على مواجهة الحياة، فضلاً عن تحول سلوكهم إلي السلوك العدواني تجاه الآخرين.
في سياق متصل، لا تزال مواقع التواصل الإجتماعي تبث سمومها بين جميع أعمار المجتمع، نظرًا لكونها تعرض مستقبل الأطفال للخطر والدمار، وبذلك، فإن هذا النمط من الجرائم يتطلب التصدي لهذا الجرم والتخلص منه نهائيًا إذ تبدأ عملية الابتزاز بالتعرف على الضحية وتكرار الدردشة حتي يعطي المبتز الفرصة لنفسه بالتجرؤ على طلب صور ومقاطع شخصية كطعم يرتكب من ورائه جريمته.
وبناء على ما سبق، وبمجرد وقوع الطفل تحت طائلة الابتزاز، فيقع فريسة على مائدة الذئاب، تصبح صرخات الأهل مدوية طلبًا للمساعدة، وخوفًا على هدم حياة طفلهم، وقد شهدت الآونة الأخيرة كثيرًا من حالات الانتحار في الشارع المصري نتيجة الضغط النفسي الذي يتزايد إثر تعرض الضحية تحت تأثير التهديدات بكشف المستور بهدف الحصول على مبالغ مالية كبيرة، ومن هنا على الدولة أن تكثف جهودها اللازمة من قبل مباحث الإنترنت لوقف تلك الحسابات المزيفة والشخصيات الوهمية المستغلة قصر عقول الأطفال لكسب المال بطرق غير مشروعة.
وعلى الأسرة دور كبير لمواجهة تلك الظاهرة المعروضة تجاه أبنائهم من حمايتهم وتكثيف الرقابة عليهم طوال الوقت، ومن ثم تحديد موعد في اليوم لتعرضهم لشاشات هواتفهم المحمولة، مع وضع رقابة عليهم وإرشادات لهم ونصائح فيما يتابعونه من الشخصيات الموجودة على منصات التواصل الاجتماعي، فضلًا عن استخدام أساليب الحماية اللازمة تجاه الطفل، وإبلاغ الجهات المختصة بجميع الحسابات المُزيَّفة المستغلة لقصر عقول الأطفال حال كشفهم وكشف هويتهم.