حوار – عبد الرحمن موسى
تتعدد طرق التربية الحديثة للأطفال، بين تلك التي تدعو لتعزيز السلوكيات الإيجابية عند الطفل، وأخرى ترى أن العقاب خير وسيلة للتربية، في حين يرى آخرون أن قدرًا كبيرًا من اكتساب الخبرات عند الطفل يحدث بطريقة غير مباشرة، عن طريق التعلم بالملاحظة، ولإلقاء الضوء على هذا الموضوع المهم التقت “أجيال” بأخصائية الصحة النفسية والإنجابية د.رشا العناني، وكان معها الحوار الآتي.
ما مفهوم التربية الحديثة؟
التربية الحديثة هي أسلوب تربية الطفل وإبراز شخصية واضحة المعالم، والثقة في النفس، وخلق علاقه فيها ثقة واحترام بين المربي والطفل، أي أن يكون هناك احترام متبادل بين الطرفين، احترام الطفل في احتياجاته وخصوصيته.
ما الأسس الرئيسية للتربية الحديثة التي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند تربية الأطفال؟
توجد أسس كثيرة، أولها الثقة التي أستند إليها، وينبغي وجود علاقة كلها ثقة بين المربي والطفل، وإحساس الطفل بشخصيته وبنفسه، وأنه في بيئة غير متحكمة فيه، وغير ضاغطة عليه، تسمح له بأن يبدع وأن يخرج طاقته، ويخرج أفضل نسخة منه.
ما أهم التغيرات التي طرأت في نهج التربية الحديثة مقارنة بالأساليب التقليدية؟
توجد أشياء كثيرة، منها أننا أصبحنا لا نلجأ للأساليب التقليدية القديمة؛ مثل الضرب والتعنيف والعقاب، بل أصبح الموضوع العكس، إذ نستخدم أسلوب العاقبة وليس العقاب؛ وهي عاقبة ما فعله، لو أن الطفل كسر لعبة معينة، امنعها عنه واحرمه منها، فيشعر أنها ميزة انسحبت منه، لأنه أهمل فيها، أو تأخر في يوم عن موعده، امنعه من الذهاب لهذه اللعبه حتي لا يتأخر ثانية، هذا هو ما يسمى بالتربية الحديثة حتة يعود على الالتزام.
ما أهميه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحسين عملية التربية الحديثة للأطفال؟
واصلت “العناني”: طبعًا التكنولوجيا حسنت كثيرًا في حياتنا وتربية أولادنا وأطفالنا، واستطاعت أن تجعلنا نتابع أبناءنا وأطفالنا عن بعد، والاطمئنان عليهم، ويمكن تجسيد ذلك يوميًا في ألبوم من الصور والفيديوهات ليكون المربي على علم ومعرفة بما يقوم به أبناؤه، وأصبح من السهولة التواصل مع طفلك في لحظات، فأثر التطور التكنولوجي موجود في التربيه الحديثة بدرجة كبيرة.
كيف نتعامل مع التكنولوجيا الحديثة بإيجابياتها ونبتعد عن سلبياتها؟
أشارت “العناني” إلي أن أهم نقطة هي تحديد وقت لها حتى لا تصل إلى ضدها وتسبب أضرارًا بالغة، حتى وإن كانت في الحقيقة مفيدة، فالتطور التكنولوجي مثل المقص؛ قد تستخدمه في عمليه نشاط معين مثل قص ولزق، وقد تستخدمه أيضًا في إيذاء شخص أو إلحاق الضرر بآخرين إذا استخدمته بطريقة خاطئة، وأيضًا مثل الكبريت، قد تستخدمه لإشعال البوتاجاز للطهي، وقد تستعمله في التدخين، وهذا يكون ضرر لك، والتكنولوجيا الحديثة توجد برامج للتحكم فيها، يمكنك أن تكون علي علم بما يفعله طفلك، وتعرف كل صغيرة وكبيرة بقوم بها، فمن المهم متابعة الأطفال منذ الصغر، وأنت مسؤؤل عنه بصفتك مربيًا، سواء “أب أو أم” أو أي شخص آخر.
كيف يمكن للتربية الحديثة أن تسهم في تنمية مهارات الاستقلالية والابتكار لدى الأطفال؟
كلما أعطيت لطفلك مساحته واعتماده على نفسه في أخذ القرارات حتى لو كانت بسيطة، مثل اختيار اللبس الذي يحب أن يخرج به، أو لعبة يختار أن يلعب بها، تعلمه أخذ القرار منذ صغره بجعله أكثر شخصية واستقلالية في الاعتماد على النفس، وإحساسه بالمسؤولية فيما بعد، فإعطائه هذه الفرصة ومساعدته عليها أفضل من جعله ينتظر أحدًا يقدم له خدمه في الأشياء ويتكاسل عنها، لذلك نرى معظم الشباب الآن لا يستطيعون اتخاذ القرار، وهذا ناتج عن عدم إعطائهم فرصة ومساحة للتعبير عن أنفسهم منذ صغر سنهم.
ما أفضل الطرق لتشجيع التفكير النقدي والإبداعي لدى الأطفال في إطار التربية الحديثة؟
أوضحت “العناني” أن المساحة والحرية لا بُدَّ منهما، وليس بفرض أسلوب معين، فمثلاً أن يجرب الطفل أكثر من لعبه ليعرف ميوله تجاه واحدة منهما، وأي لعبة يريدها ويلعبها، أفضل من أن يجبر على لعبة قبل معرفة ميوله نحوها، فهناك أطفال يحبون ألعاب الذكاء الاصطناعي، ومن يحب الرسم والتلوين، ومن يحب كرة القدم، ومن يحب أن ينطلق، ومن يفضل ركوب الدراجة.
ما دور العائلة في تطبيق مبادئ التربية الحديثة وتعزيزها في حياة الأطفال؟
العائلة صمام الأمان والبذرة الأولى لبناء طفل سوي، وعليها مسؤولية كبيرة لمساعدته واستطاعة الكشف عن ذاته ومواهبه وما يستطيع أن يفعله.
كيف يمكن تطبيق مفهوم التعلم النشط في عملية التربية الحديثة للأطفال؟
تطبيق التعلم النشط في التربية الحديثة بجعل الطفل يفكر دائمًا في عمليه اتخاذ القرار، ويتعرف على الأشياء، ويلم بها، ويكون مستعدًا دائمًا للاختيار، ويكون لديه المساحة، ويبذل قصارى جهده ليصل إلي ما يريده، ولا ينتظر تقديم أحد أي شيء له.
ما تأثير التربية الحديثة في تطوير قيم الأطفال وأخلاقهم؟
التربية الحديثة سلاح ذو حدين، إما أن الطفل ليس له حدود ومنفتح علي الدنيا ولا يعرف أساسيات الدين والأخلاق، أو أن الأهل والمربي أيضًا سواء “أب أو أم” يجب أن يكونوا علي وعي كبير بغرس الثقة، مع جعل حدود للطفل، وغرس الصفات الحميدة، والأخلاقيات الفضيلة والإيمانية، فمهم جدًا وسط تعلم الطفل الثقة أن يكون لديه أخلاق، وأن يكون المربي أول نموذج وقدوة له، فلا يصح أن تقول له لا تكذب وأنت تكذب، ولا يصح أن نقول له لا تعتمد على أحد، ويعتمد المربي علي آخرين.
كيف يمكن للتربية الحديثة أن تعزز قدرات الطفل الاجتماعية والعاطفية؟
التعزيز يكون بالابتعاد عن الحماية الزائدة في الثقة اللامحدودة في تصرفاته وحرياته، مثلاً لا تصاحب صديقك هذا، فالموضوع منته، لا تذهب إلي الأماكن هذه والموضوع غير قابل للنقاش مع الابن أو الطفل، ومنته تمامًا قبل الحوار معه بطريقة لطيفة، وذكر الإيجابي والسلبي لهذا الموضوع، فهناك قرارات تستلزم تدخل الأهل وليست جميعها، الذي يحاول هو طفلك في الإعتماد على نفسه، ومن يتعامل مع الآخر حتي لا يشعر أنك تأخذ مكانه، وتقيد حريته، ومتخذ قراراته، والمتحكم فيه، لأن هذا ينمي لديه علاقته وقدراته الاجتماعيه والذكاء العاطفي والاجتماعي.
كيف نوعي المربي (الأب والأم) بدور التربية الحديثة؟
أعتقد أن المربي لا بُدَّ أن يقرأ كتبًا كثيرة، وأن يتابع مواقع إلكترونية أيضًا للاستفادة منها في تربية الطفل، ويكتشف تطويرًا جديدًا في التعامل، فالتربية ليست سهلة، فهي مهمة صعبة ومسؤولية أصعب لكي تنشئ طفلًا سويًا نفسيًا وصحيًا واجتماعيًا وأخلاقيًا، وليست من قبيل إنجاب الأطفال فقط، فالتربية رسالة كبيرة محملة علي أعناقنا لنوصلها لأبنائنا بأسلوب راقٍ وسهل وبسيط دون تحمل عليهم، لنخرج أجيالًا جديدة سليمة، وطفلًا نشأ واعيًا مدركًا وقادرًا على مواجهة مصاعب الحياة.