علموا أولادكم الرجولة ولا تُحملوهم أعباء الرجال

0

كتب- عمر موسى

اخلقوا بيئة خصبة لنضج الطفل عقليًا ونفسيًا.
كيف ذلك؟
باصطحاب الأطفال لمجالس الكبار:
اصطحاب الطفل لمجالس الكبار يظهر ما لدى الطفل من نواقص واحتياجات، وتظهر سلوكياته المعيبة التي يجب أن يعالجها الآباء والأمهات أكثر من الاستحياء منها، كما أنه على الأسر أن تستغل هذه المواقف في إعطاء التوجيهات والإرشادات لهذا الطفل، مع إكسابه بعض الآداب والأخلاقيات التي يجب أن يسير عليها، ثم إنذاره، ولا أقول تهديده، بضرورة عدم خرق هذه الأداة، فاختلاط الأطفال مع الكبار فرصة كبيرة ليتعلم الطفل من الكبير كل سلوك جيد وإيجابي، وإن شئنا نقول التربية بالقدوة التي افتقدناها الآن.

كان الأطفال يحضرون مجالس النبي صلى الله عليه وسلم، وكان آباؤهم يأخذونهم إلى تلك المجالس الطيبة، فكان عمر رضي الله عنه يصحب ابنه إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصطحب الأطفال معه في الطريق ليركب معهم على الدابة، كما كان يفعل مع ابن مسعود وابن عباس وابن عمر، فالسنة مليئة بهذه الأحداث.

أيضًا حثّ الأطفال على ممارسة البيع والشراء:
إن التربية المالية أو الاقتصادية أحد محاور التربية التي يجب أن نضعها في الاعتبار كمربين، سواء التربية الرسمية أو غير الرسمية، وما وصلت إليه بعض الدول اليوم من تدنٍ في اقتصادها القومي، وتراجعها في التصنيف العالمي بسبب إغفال هذه النقطة، وتحتاج إلى توجيه بتغيير أسلوب التربية المالية والاقتصادية لأطفالهم، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في هذه القضية، باهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بتكوين الطفل اجتماعيًا واقتصاديًا، ويتجلى ذلك في توجيهه لكل ميادين الحياة، ففي يوم مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن جعفر يبيع لعب الغلمان أو الصبيان فقال: “اللهم بارك له في بيعه”، وكان أبو جعفر هذا غلامًا وليس رجلًا رشيدًا.
من الأفعال التي تؤخر نضج الأطفال:
قمع تساؤلات الأطفال
إن طبيعة مرحلة الطفولة تستدعي كثرة الأسئلة، لأن هذا الطفل يبدأ التعرف على الحياة أو على البيئة المحيطة به، ولا يستطيع التعرف على كل ما يحيط به إلا بالسؤال لكل من يكبره في السن في محيط أسرته، لأنه أكثر منه خبرة وعلمًا بهذه الأشياء.
الطفل في هذه المرحلة هو علامة استفهام كبيرة جدًا ومستمرة؛ وتجاهل هذه التساؤلات لدى الأطفال يؤثر بشكل مباشر وبالغ الأهمية في أهم حاجات النمو العقلي للطفل خلال مرحلة ما قبل المدرسة.
فمهما كانت الأغراض والأهداف من إلقاء الأسئلة الطفولية من الطفل إلى الكبار المحيطين به -سواء الآباء أو الأمهات أو المعلمين- فهي تفيد الطفل بطريقة كبيرة جدًا في تحقيق التوازن النفسي لديه، مع تدريب الأطفال على ممارسة التفكير الاستنباطي للتعرف على الحياة المحيطة بهم، فضلًا عن مساعدة الأطفال في التعرف على القيم الأخلاقية والسلوكية.
ومن الأخطاء الشائعة في الفترة الراهنة أن يمنع الأهل الطفل من اللعب ليريحوا أنفسهم من الإزعاج أو تقليب المشكلات لهم مع الآخرين، ولكن أثبتت دراسات علم النفس الاجتماعي أهمية اللعب للأطفال، فاللعب يهيئ للطفل فرصة فريدة للتحرر من الواقع المليء بالالتزامات والقيود والإحباط والأوامر.
إن اهتمام الإسلام قبل غيره بهذا الجانب المهم في حياة الطفل، وحسبنا حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحبن يلعبن معي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترها بردائه لتنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد.
إذًا فاللعب له أهمية بالغة في الجوانب الاجتماعية والنفسية والعقلية والحركية والجسدية للطفل، ويمثل توافقًا وتكيفًا مع بيئة الطفل، وهذا قمة الصحة النفسية والشخصية بأبعادها ومحاورها الكامنة والظاهرة، فعلى أولياء الأمور عدم قمع الأطفال، وعدم منعهم من اللعب مع أقرانهم، فاللعب يمثل للطفل الحياة؛ بل كل الحياة.
لعلك تعلم جيدًا أخي المربي أن معاملة الطفل بطريقة أكبر من عمره، أو على أنه رجل صغير يرهق قوى الطفل بما يجاوز طاقته، فلا يجب أن ترهقه في نشاط ذهني زائد، وفي قضايا وأمور تحتاج منه إلى عقل ناضج حتى يعقلها جيدًا.
إن النشاط العقلي الزائد للطفل، مع عدم اكتمال خبراته التي ستكتمل بعد سنوات؛ من شأنه قتل النشاط العقلي في هذا الطفل؛ بل إنه سيكره أي سلوك يدعوه لاستخدام عقله، وخاصة بالإكراه.
ومن صور معامله الطفل كالرجل:
منعه من اللعب مع أقرانه في هذه السنِّ التي فيها يكون الطفل أحوج ما يكون إلى اللعب وتفريغ طاقته في اللعب والاندماج مع زملائه الذين ينقلون مع بعضهم حالة من السعادة والمرح، فمنع الطفل من اللعب على أنه رجل لا يصح؛ لأنه قتلٌ واضحٌ لطفولته، ولن تنمو شخصيته الانفعالية أو الاجتماعية.
أيضًا إجبار أو إلزام الطفل أو الطفلة بارتداء ملابس أكبر من سِنِّه أو سنها يُعدُّ إحدى صور معاملة الطفل أو الطفلة بطريقة أكبر من عمره.
كذلك السعي الحثيث والمستمر في دفعه إلى تعلم ألعاب العنف التي تتسم دائمًا بالقوة والضرب، فهي ألعاب دموية في بعض الأحيان يجد فيها الطفل نوعًا من أنواع التلذذ بإيذاء الآخر.
ختامًا، يجب التوازن بين اللعب مع الطفل وتربيته على الجد وتحمل المسئولية، فكل هذه الأمور تحتاج إلى مربٍ فطن لديه الخبرة في تربية الأطفال علمًا وموهبة، فلا نمانع من وجود بعض فترات الطفل الجادة، ولكن بأسلوب ذكي وحاذق لا يأتي على شخصية الطفل بالسلب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.