معاقبة الطفل بالضرب

0

كتب- عمر موسى  

الاعتقاد السائد بأن العقاب بالضرب الوسيلة المثلى لتربية الأطفال يمثل أحد مكونات ثقافه الشعوب والمجتمعات المعيبة، ولسنا منها ببعيد، حتى أن الانتقاد الذي يوجه وبشدة للنظام التعليمي في مجتمعنا هو إلغاء الضرب في مؤسسات التعليم.
وقال  العالم التربوي الشهير، وقائد التربية الأمريكي الأصل جون ديوي: “إن التربية الأمريكية قديمًا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت قائمة على مثل مأثور ألا وهو عطل عصاك يجسر طفلك”، ويرى التربويون أو كثير منهم أن العقوبة البدنية تولد القسوه والوحشية عند الطفل.

وتأتي التربية الإسلامية بعد الإمعان فيها على التوجيه اللين، وأن يكون العقاب بقدر معقول، بحيث يؤدي إلى تجنب السلوك السيئ، مع استخدام التعزيز والتشجيع للسلوك الطيب، وذلك يظهر جيدًا في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: “مروا أولادكم بالصلاة”، بداية الأمر بالصلاة يكون باللين، وذلك لترغيب الأطفال في سن سبع سنين في الصلاة، ولا يأتي الضرب إلا بعد استخدام أسلوب الموعظة ولين الكلام، وهذه لفتة مهمة جدًا في الحديث الشريف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بألا يستخدم المربي الضرب إلا عند عشر سنوات، لأنه في هذه السن يبدأ الطفل يعرف نفعه من ضره، كما يعتمد على تمام العقل، كما جاء في الحديث الشريف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “علقوا الصوت حيث يراه أهل البيت، فإنه لهم أدب”، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتشير دراسة حديثة نُشِرت في مجلة “ذا لانسيت” (The Lancet)، وشارك فيها علماء من جميع أنحاء العالم، إلى أن هذا النوع من التنشئة يضر بنمو الطفل، وذلك بعد تحليل 69 دراسة مختلفة تضمنت استخدام الضرب على الأرداف لتأديب الأطفال، واستنتج الخبراء أنه لا يوجد دليل على أن مثل هذا التصرف مفيد في تحسين سلوكهم، كما خلصوا إلى أن الاعتداء الجسدي يهدد نفسية الطفل ويجعل سلوكه أكثر سوءا.

كما تشير بيانات اليونيسف المستمدة من استقصاءات تمثيلية على المستوى الوطني، شملت 56 بلدًا في الفترة من 2005 إلى 2013، إلى أن 6 من أصل كل 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 2 و14 عامًا قد تعرّضوا للعقاب الجسدي على يد الكبار في أسرهم المعيشية خلال الشهر الماضي، وفي المتوسط، تعرّض 17% من الأطفال للعقاب الجسدي الشديد (كالضرب على الرأس أو الوجه أو الأذنين أو الضرب المبرح والمتكرر)، في حين تجاوزت النسبة 40% في بعض البلدان، وتُظهر التفاوتات الكبيرة بين البلدان والأقاليم أن ثمة إمكانية للوقاية من هذه الممارسات.

وباستثناء بعض البلدان التي ترتفع فيها معدلات تعرّض الفتيان للضرب، تُظهر نتائج الدراسات الاستقصائية المقارنة أن معدلات تفشي العقاب الجسدي متقاربة بين الفتيات والفتيان. كما أن نسبة تعرّض الأطفال الصغار (من 2 إلى 4 أعوام) للعقاب الجسدي، بما في ذلك أشكاله القاسية، لا يختلف عن معدل تعرض الأطفال الأكبر سناً (من 5 إلى 14 عاماً)، بل قد تزيد عليها.

* ختاماً، فقد لخَّص الشيخ شمس الدين الأنباري طريق الضرب الطفل في كتابه رساله الصبيان:
١/ ألا يرفع ذراعه حتى يرى بياض إبطه لئلا يعظم ألمه.
٢/ أن يكون الضرب متفرقًا لا مجموعاً في محل واحد.
٣/ أن يكون هناك زمن فارق بين الضربة والأخرى تخف به آلام الأول.
فيجب على المربي أن يهدد مرة بعدم رضا الله، ومرة أخرى بغضب الله، ومرة أخرى بعقاب الآخرة، ثم يهدد بالعقاب في الدنيا، ثم يوقع العقاب إذا لم تصلح الوسائل السابقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.